التحقيق في الجرائم المرتكبة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي

خلدون بارش[1]

مقدمة

لقد وصل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي إلى مستويات عالية لا يمكن إنكارها. فوسائل التواصل الإجتماعي بما توفره لمستخدميها من مجال غير محدود من عالم للتواصل يستطيع كل شخص استخدامه و الإضافة إلى محتواه. و بلا شك فلا بد من رقابة مثل هذه القنوات الفعّالة و تنظيم استخدامها ببعض التشريعات القانونية. حيث وضعت العديد من الدول تشريعات مختلفة قيد التنفيذ بخصوص الجرائم التي قد تركبها قنوات التواصل الإجتماعي أو مستخدميها. ومع ذلك، فإن قابلية تطبيق هذه التشريعات والحصول على الأدلة أثناء مرحلة التحقيق في هذه الجرائم أمر صعب للغاية وله هيكلية فريدة. و لهذا السبب يجب زيادة الدراسات المتعلقة بهذا النوع من الجرائم.

و إذا ما نظَرنا إلى الجرائم التي تُرتكب على وسائل التواصل الاجتماعي، يُرى أنها على درجة عالية من الانتشار. فالجرائم الإلكترونيّة وجرائم الإهانة وجرائم التهديد وجرائم التحرش الجنسي وجرائم الابتزاز وجرائم الاحتيال وجرائم الفُحش والجرائم المتعلقة بالبيانات الشخصية وما إلى ذلك.  تُعتَبَر من أكثر الجرائم ارتكاباً عبر وسائل التواصل الاجتماعي.[2] من ناحية أخرى، من وقت لآخر ، تُرتكب جرائم ضد النظام الدستوري القائم عبر قنوات التواصل الاجتماعي هذه.

في الواقع تعد وسائل التواصل الاجتماعي أماكن مناسبة لارتكاب الجرائم بسبب مجال الحريّة و إمكانية عدم الكشف عن الهوية وضمان الخصوصية الذي توفره هذه الوسائل. و من ناحية أخرى فالفوائد الأخرى التي توفّرها لا تُحصى، فحرية الفكر والتعبير التي توفرها هذه الوسائل يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في هذا السياق. لذلك، فإن احتمال ارتكاب جرائم في عبر  وسائل التواصل الاجتماعي  وكذلك التشريعات الناظمة لهذا المجال لا ينبغي أن تحجبَ حرية الناس في التعبير عن أفكارهم وآرائهم بحرية. فموضوع الرقابة و الجرائم و الحرية و الحرية في وسائل التواصل الاجتماعي المذكور أعلاه محط ّجدلٍ قائم و خاصة في الغرب، حيث يستمر الجدل حول كيفية ممارسة الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي.

والنقاط الرئيسيّة المطروحة في هذا الصدد تَجمعت حول الأفكار التالية:

توقيع إتفاقيات دولية للقيام بهذه الرقابة، أو قيام الدول بأنفسها بممارسة الرّقابة أو قيام وسائل التواصل الاجتماعي بإنشاء آلية للرقابة الذاتية خاصة بها. وكانت النقطة الرئيسية المطروحة في هذه المناقشات هو التصادم ما بين الرقابة الممارسة مع حرية التعبير. فيي هذا الموضوع، تجدر الإشارة إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي و نتيجة الضغط الممارس عليها من الدول تميل بشكل خاص إلى إنشاء آلية رقابة ذاتية خاصة بها وحماية سرية مستخدميها. هنا يمكننا  القول أن هذا الميل ناتج عن تأثير الشركات الأقوى العاملة في عالم العولمة.

وفيما يتعلق بهذا الموضوع، فقد تم مؤخرا في بلدنا سن بعض التشريعات المتعلقة بوسائل التواصل الاجتماعي:

  1. التشريعات المتعلقة بوسائل التواصل الإجتماعي

 هناك الكثر من الدول التي سنّت تشريعات متعلة بوسائل التواصل الاجتماعي، ففي تركيا، تم سن القانون رقم 7253 المعروف لدى الجمهور باسم “قانون وسائل التواصل الاجتماعي”، و هو بخصوص تنظيم عمليات البث التي يتم بثها على الإنترنت ومكافحة الجرائم المرتكبة عن طريق هذه البرامج. و إذا ما نظرنا إلى هذه اللوائح، يمكننا تلخيص التحديثات التي جلبتها هذه اللوائح على النحو التالي:

بموجب هذه اللوائح، يتوجب على مزود شبكة التواصل الاجتماعية الذي لديه أكثر من مليون دخول يومي في تركيا أن يعّين ممثل له في تركيا. فإذا لم يكن لدى مزوّد الشبكة شخص تركي حقيقي أو اعتباري ممثل له في تركيا، فقد يترتب على ذلك العديد من العقوبات كما هو موضّح في مخطط المعلومات المرفق (قانون وسائل التواصل الاجتماعي -1).

في الواقع، هذه القضية أساسية والأكثر أهمية في هذه التشريعات، لأنه في العديد من البلدان غير الولايات المتحدة الأمريكية، هناك مشكلة في الوصول إلى معلومات الفاعل من قبل مُزَوّد الشبكة خلال العمل على مكافحة الجرائم المرتكبة على وسائل التواصل الاجتماعي. ففي هذه المرحلة حتى عند محاولة الوصول إلى مزود شبكة التواصل الاجتماعية في إطار اتفاقيات المساعدة القانونية مع الولايات المتحدة الأمريكية، غالبًا ما يتعذر الحصول على نتائج.  فالهيكلية الخاصة لوسائل التواصل الاجتماعي في بيئة الإنترنت وحساسية مسألة حرية التعبير والمنافسة بين الشركات جعلت من الصعب للغاية اكتشاف الجرائم والمجرمين الفاعلين في هذا المجال. في خلال التحقيقات بشأن الاشتباه بارتكاب جريمة في هذه الوسائط، تُواجه العديد من المشكلات، مثل عدم تعاون المزوِّد في الوصول إلى معلومات الفاعل، وعدم القدرة على الحصول على أدلة، وصعوبة تحديد المشتبه به غيرها:

  1. التحقيق في الجرائم المرتكبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي و جمع الأدلة

عند التحقيق في الجرائم المرتكبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ففي معظم الأحيان يتم الحصول على صورة المحتوى المسمى لقطة الشاشة على الجهاز المستخدم كدليل أول على الجرية المشتبه فيها. يمكن الحصول على اسم مستخدم الحساب واسم صفحة المستخدم (البروفيل) وتاريخ نشر المحتوى في وسائل التواصل الاجتماعي التي يستخدمها الشخص وصورة البروفيل، إن وجدت. ومع ذلك ، فإنه في هذه  المرحلة بالتحديد تصبح فيها التحقيقات القانونية أكثر تعقيدًا. يمكن أن تحتوي وسيلة التواصل الاجتماعي الواحدة على عشرات أو حتى مئات المستخدمين الذين يحملون نفس اسم البروفيل، و قد تكون هناك العديد من أسماء المستخدمين المتشابهة في أسماء الحساب مع تغييرات بسطة أُجريب عليها مثل “@ mehmet1” “@ mehmet2”. و في نفس الوقت من الممكن لأكثر من شخص استخدام حساب واحد على وسائل التواصل الاجتماعي. لدرجة أنّه يمكن لهؤلاء الأشخاص الاتصال بهذا الحساب من دول مختلفة. و المسألة الأُخرى التي تواجهنا هي لأنّه  مع إنشاء الأنظمة  التي تسمى VPN، تتغير عناوين IP باستمرار ويتم إخفاء عنوان IP الحقيقي الخاص بالمستخدِم. بمعلى سبيل المثال، عندما تتواصل مع قناة من قنوات   التواصل الاجتماعي من تركيا، قد يراك مزود الشبكة الاجتماعية كمستخدِم متصل من فنلندا. فقد يتم العثور على معلومات المستخدِم الحقيقية الخاصة بك في شركة مزود خدمة VPN، أو قد يتم إتلافها على الفور وفقًا لسياسة الخصوصية لتلك الشركة صاحبة الموقع، الأمر الذي يساهم في إخفاء هويتك. من ناحية أخرى، يمكن أن يصبح الموقف أكثر تعقيدًا مع أنظمة المتصفحات المختلفة. على سبيل المثال،  يوفر النظام المسمى “Tor Browser” [3] نوعا من الحماية مختلفا نوعًا ما عن الحماية التي توفّرها أنظمة VPN أو البروكسي، حيث يوفّر إمكانية إخفاء الهوية عن طريق مزج مستخدميه في أنفاق مشفرة،  ومع هذا النظام، يمكن حماية خصوصياتك على شبكة التواصل بشكل مُحكم. في مثل هذه الحالات، من الضروري التحقق من الصاحب الحقيقي للمحتوى المشتبه بارتكابه الجريمة.

ففي هذه الحال يجب التحرّي عن الصاحب الحقيقي للمحتوى المشتبه بارتكابه جريمة. و هذا يمكن تحقيقه عن طريق معرفة عناوين IP للأنترنيت. و لأجل الوصول إلى معلومات عن عناوين IP، يجب على مزود الشبكة توفير المعلومات الضرورية وفي نفس الوقت، يجب ألّا تكون عناوين IP الحقيقية مَخفيّة بالطرق المذكورة أعلاه.

من ناحية أخرى، من الناحية العملية، يمتنع معظم مزودي شبكات التواصل الاجتماعية بشكل عام عن تقديم المعلومات إلى السلطات القضائية (باستثناء الحالات المشتبه بها باستغلال الأطفال، والمحتوى الفاحش الذي يُستخدم فيه الأطفال، والأعمال الإرهابية العنيفة المشتبه بها) بحجّة أنهم في هذه الحالة لا يستطيعون توفير إخفاء الهوية و السرية لمستخدميهم.

 و الطريقة الأخرى للحصول على أدلة على الجرائم المرتكبة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي هي مصادرة الأجهزة الإلكترونية. فبإجراء بعض المداخلات على هذه الأجهزة، يمكن الحصول على قدر معين من الأدلة. و لكن التفتيش عن هذه الأجهزة و مصادرتها يجب أن يتمَّ وفقًا للمادة 134 من قانون المحاكمات الجزائيّة.  في المثال أدناه، اعتبرت محكمة النقض  أن مصادرة الحاسوب أمرًا غير قانوني في أمر التفتيش المأخوذ بناءً على المواد 116-119 من قانون المحاكمات الجزائيّة و اعتبرت الأدلة الناتجة عن ذلك على أنها قانونية.

“في موضوع القضيّة موضوع البحث: بموجب قرار محكمة الجنايات رقم 35 في للقسم الآسيوي من اسطنبول الصادر في تاريخ 17/04/2013 رقم 2013/ 510  تقرر إجراء تفتيش في منزل المتهم وفقًا للمواد 116-119 من قانون المحلكمات الجزائية، وأثناء البحث الذي بناءً على هذا القرار، تمت مصادرة جهازي كمبيوتر للمتّهم. أيضاً بموجب قرار محكمة الجنايات رقم 36 للقسم الآسيوي في اسطنبول بتاريخ 18/04/2013  رقم 2013/195 تقرَّرَ تفتيش محتوى حاسوب تمت مصادرته من مكان إقامة المتهم و الحصول نسخة عن هذا المحتوى. فقد تبيّن أنه لم ترفق عبارة تسليم المتّهم نسخة عن المحتوى الذي كان محفوظاَ في الحاسوب المصادر و كذلك تبيّن أنَّ القرار الصادر بتاريخ بتاريخ 18/04/2013 رقم 2013/195 قد تمَّ اتّخاذه بعد مصادرة الحاسب و بهذا الشكل فإن هذه القرارات و الإجراءات قد تمّت دون مراعاةِ أحكامِ المادّة 134 من قانون المحاكمات الجزائيّة، و لذلك فإنَّ  الأدلة التي تم الحصول عليها نتيجة هذا التّفتيش و المصادرة غير قانونيين، و هذا يقع ضمن الحالات الدّاخلة في حظر تقييم الأدلة و لم يتم تأييد الادّعاء الوارد في الضبط و بهذا الشكل تم حسم القضيّة:

لعدم وجود أسباب لردّ طلب التمييزِ تم النظَر في أساس القضيّة: استنادا إلى القناعة الوجدانية المتشكلة نتيجة الجلسات القائمة على أساس الإدعاءات في المحاضِر المضبوطة في الجلسات و بعد تدقيق الوثائق و الأدِلّة المقّدّمة وجد أن لا أساس للأفعال و الشبهات المدّعى بها و أنَّ حجج النائب العالم في الاعتراض على تمييز القرار لا محلَّ لها تقرَّرَ خلافاً لادّعائه بقبول قرار رفضِ نقض القرار بالإجماع بتاريخ 24/04/2018. (محكمة النقض الغرفة الجزائيّة رقم 18 القرار برقم أساس 8680/ 2016: 2018/5914 و تاريخ 24/04/ 2018).

الطريقة الأخرى للحصول على أدلة بشأن الجرائم المرتكبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي هي الأدلة التي يتم الحصول عليها عن طريق فريق تقنيّة الأنترنيت الشرعي( المعلوماتيّة).

المعلوماتيّة الشرعية: يمكن تعريفه على أنه مراقبة وتحليل حركة المرور في تأسيس محلي أو نقطة تقاطع الاتصالات الافتراضية أو شبكة الإنترنت المثبتة في نظام معين وتوفير المعلومات اللازمة للسلطات القضائية بما يتماشى مع نتائج التحليل أو الدراسة الجارية. وبناءً على البيانات الواردة في هذا الإجراء عند الضرورة يتم تثبيت أنظمة الإنذار المبكر. التّدقيقات الفنية المجراة على مستوى الشبكة بشكل عام تتُمُّ على مستوى الحُزمة على الفور أو عن طريق تخزينها لفترات زمنية معينة. (الأستاذ الدكتور مُحرّم أوزَن، غوركان أوزوكاك، النظام القانوني المعلوماتية الشرعية والأدلة الإلكترونية و التفتيش الحاسوبي و النطام القانوني  لتدبير المصادرة (المادّة 134 من قانو المحاكمات الجزائيّة)، مجلة نقابة المحامين في أنقرة 2015/1).

بالإضافة إلى المعلوماتية الشرعيّة، يمكن أيضًا اعتبار نتيجة الفحوصات التي يجريها خبراء في الحسابات  على وسائل التواصل الاجتماعي دليلاً أيضا.

  1. أمثلة واقعية عن التحقيق في الجرائم الواقعة في وسط وسائل التواصل الاجتماعي

كما بيّنّا أعلاه ففيما يتعلق بالتحقيق في الجرائم التي يمكن ارتكابها وسط وسائل التواصل الاجتماعي، فإن أهم مشكلة تواجهنا هي تحديد هوية المشتبه به. حتى ولو تم تحديد هوية المشتبه به من خلال رقم IP بالتعاون مع مزود الشبكة، فقد يحتوي هذا التثبيت على علامات استفهام تتماشى مع دفاعات المشتبه به. من ناحية أخرى، من أجل ضمان تعاون مزودي الشبكة على الأقل، فرضت تركيا التزامًا بأن يكون لها ممثلًا  في تُركيّا، كما سَنّت عقوبات في حال عدم الامتثال لقرارات المحكمة ذات الصلة. ومع ذلك، لا يزال معظم مزودي شبكات التواصل الاجتماعي ليس لديهم ممثلين في بلدنا.

ونتيجة لهذا الوضع، فقد تختتم النيابة العامة التحقيقات بقرار عدم الملاحقة. من ناحية أخرى، فإن قرارات المحكمة العليا بشأن مثل هذه الحالات هي كما يلي:

” لكن، إن الحصول على رقم الـ İP المُستخدم عند فتح حساب فيسبوك www.facebook.com المَعني و البريد الالكتروني المستخدم و كذلك الصورة المنشورة في الحساب و كذلك و المساعدة العدلية المكتوبة التي تم الحصول عليها من الشركة التي تحمل اسم  İnc. (…. US AMERİKA)   

فإن إعطاء قرار البراءة دون مراعاة وجوب تحديد الوضع القانوني للطفل الذي سيقَ لارتكاب الجريمة، و نتيجة البحث غير الكافي و التعليل الغير كافي يعتبر مخافا للقانون و نظرًا لأن أسباب استئناف محامي الشخص E. O . المشارك في الدعوى تعتبر مقبةلة، فقد تم إلغاء الحكم  و رفض فكرة الموافقة على القرار كما هو وارد في بيان الادّعاء”.

(محكمة النقض، الغرفة الجنائية رقم 4، قرار أساس 2014/20593 E: 2014/30476 K، تاريخ 27.10.2014 )

وبذلك في عام 1914 قامت المحكمة العليا بطلب المساعدة القانونية و حكمت أنه من الضروري الحصول على رقم الـ İP من مزوّد موقع فيسبوك. و بموجب هذا الحكم اعتبرت المحكمو أن أيّ قرار يصدر من غير الحصول على نتائج هذا الطلب سيكون حكما صادرا بدون عمل التحقيقات الكافية و قررت فسخ القرار الصادر.

يمكن العثور على العديد من الأحكام المماثلة في قرارات المحكمة العليا. في هذه النقطة، تم التأكيد في القرارات المستقرة  للمحكمة العليا على أنه لن يكون قانونيًا التصرف على افتراض أن الشركات لن تساعد أو  لن تقدّم معلومات عن رقم الـ İP.

وفي حكم آخر للمحكمة العليا(النقض)، ورد أنه لا يمكن اتخاذ قرار بعدم الملاحقة على أساس أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تستجب لطلبات الإنابة القضائية. وذكرت بأنه حتى إذا لم تستجب الشركات ولم يتم التعرف على المشتبه به، ينبغي التحقيق في القضية خلال الفترة التي يمكن رفع الدعوى فيها قبل التقادم.[4] في رأينا هذا القرار صحيح. لأنَّ عدم الرد على الإنابة القضائية لا يعني أنه لا يمكن التعرف على المشتبه به خلال هذه الفترة، قد تتغير أيضًا سياسات الشركة أو اللوائح القانونيّة الخاصة بمزوِّدي الشبكة. لذلك، يجب أن تستمر التحقيقات والتحريّات خلال فترة قبل التقادم. وإلا فلن نكون قد طبقنّا الشروط المنصوص عليها في القانون. من ناحية أخرى، من الضروري النظر فيما إذا كان يمكن استخدام أنواع أخرى من الأدلة لتحديد هوية المشتبه به فيما يتعلق بالجرائم المرتكبة على وسائل التواصل الاجتماعي. على سبيل المثال، في الحالات التي تُنشر صورًا معروضة على العامة ويكون من الواضح بشكل لا لبس فيه أن هذا الحساب عائد للشخص  المشتبهبه ففي هذه الحالة يجب تقييم هذا الدليل. من ناحية أخرى، في الفحوصات التقنية التي ستجرى على الأجهزة، يمكن التحقُّق ممّا إذا كان مُستخدم الحساب الخاضع للتحقيق هو الشخص المشتبه به أم لا. ومع ذلك، حتى مع وجود مثل هذه الأدلة الواضحة، فإن المشتبه به قد يتذرّع بحجج ينكر فيها  عائدية المحتوى المشتبه به الخاضع للتحقيق بأنه له كأن يقول “لم أرسل هذا المحتوى، تم اختراق حسابي، وكان هناك تضارب في عنوان IP ، وما إلى ذلك”. فمن الواضح أنه لا يمكن إصدار حكم على أساس هذه الأدلة. في هذه النقطة ففي قرار لمحكمة النقض بشأنِ المتهّم “نفس معلومات الـ IP ذو النوع المتغير يتم تقديمها لأجهزة كمبيوتر مختلفة في أوقات مختلفة من قبل مزودي الخدمة، ولكن من الممكن أيضًا تقديمها إلى أجهزة كمبيوتر مختلفة في في نفس الوقت بطرق مختلفة كـ ( بروكسي، نسخ الـ IP و الاستخدام غير المشفّر، إلخ) و لهذا تمت الموافقة على تبرئة المتهّم لأسباب مثل حقيقة أنه لا يمكن قبول أن الحسابات على شبكات التواصل كلّها قد فُتِحت باسم المتهم و أن جميع المعاملات على هذه الحسابات قد تمت من طرفه”[5].

ففي هذا القرار، الذي يمكن اعتباره مهمًا جدًا في رأينا، تم التأكيد على أن السلطات القضائية يجب أن تكون شديدة الحرص خلال محاولة الكشف عن الجرائم المرتكبة في  وسط الإنترنت وأن الحكم يجب أن يكون مدعماً بالأدلة بطريقة لا تترك مجالًا للشك.

  1. الخلاصة

يُعد التحقيق في الجرائم التقليدية أو الإلكترونية المرتكبة على قنوات التواصل الاجتماعي أكثر صعوبة من التحقيق في الجرائم المرتكبة بالوسائل المعتادة. و الجزء الأكثر صعوبة في ذلك يتعلق  بتحديد بهوية المشتبه به. حتى إذا كانت هوية المشتبه به معروفة بوضوح من حسابه الذي يستخدمه،  يجب إقناع المحكمة بدون أدنى شك بأن المحتوى موضوع التحقيق قد كُتب أو نُشر من قِبَلِ المشتبه فيه، يعتمد هذا على تعاون مزود الشبكة في مشاركة عنوان IP أو بروكسي أو الحالات التي لا يتم فيها استخدام أنظمة مزود آخر مجهول. على الرغم من أن هذا الوضع قد تم محاولة ضمانه عن طريق الإنابة القضائية حتى وقت قريب ، إلا أن القانون رقم 7253 ، والذي تم سنه مؤخرًا ، كان مقدمو خدمات الشبكات الاجتماعية ملزمين بوجود ممثلين وكان من المخطط التغلب على هذا الوضع بهذه الطريقة. و حتى وقت قريب وعلى الرغم من أنه قد تم ضمان هذا الوضع عن طريق الإنابة القضائية، إلّا أنه من المخطط التغلب على هذا الوضع بالقانون رقم 7253، والذي تم سنه مؤخرًا يُلزم مُزوّدي خدمات الشبكات الاجتماعية بتعيين ممثلين لها في تركيا. ومع ذلك، ستمتنع الشركات عن إعطاء عناوين الـ IP  الخاصّة بمستخدمين مواقعها رعاية لمبادئ الخصوصية وإخفاء الهوية. من ناحية أخرى، من الواضح أن لهذا الوضع / و سيكون له بعدًا مثيرًا للجدل من ناحية ممارسة حرية التعبير.

في موضوع التحقيق في الجرائم المرتكبة عبر  شبكات التواصل الاجتماعية، بما أن الحصول على الأدلة يتعلق أيضًا في مجال علوم المعلوماتية، فقد يكون من الضروري تدريب مدعين عامين و قُضاة متخصصين في هذا المجال أو قد يكون ضروريّا تأسيس محاكم متخصصة في هذا المجال. ومع ذلك، من الناحية العملية، نستنتج من قرارات  محكمة النقض أن السلطات القضائية ليست على دراية بأساليب الحصول على الأدلة في هذه المجالات، وأنها غالبًا ما تقرر عدم  متابعة المقاضاة على أساس أن طلب الإنابة القضائية لن يتم الرد عليه، أو لأن مرحلة الملاحقة و المتابعة القضائية لم تُجرَ بشكل فعّال. و لأجل تعديل هذا الوضع،  ففي حالات الاشتباه بارتكاب جريمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يجب جمع الأدلة وفقًا للأصول القانونيّة، ويجب طلب آراء الخبراء التي  تقوم بتحلل حسابات المستخدمين، ويجب تحديد عناوين IP إن أمكن، ويجب دراسة ملف القضيّة بعد أخذ جميع الأدلة بالحسبان.

مُلحق 2،1:  معلومات رسومية: قانون وسائل التواصل الاجتماعي

https://seyhanhukuk.net/wp-content/uploads/2021/06/ek1.jpg
https://seyhanhukuk.net/wp-content/uploads/2021/06/ek2.jpg

المَراجِع:

1)Av. Gürkan Özocak, Sosyal Medyada İşlenen Suç Tipleri ve Suçluların Tespiti, ozocak.com

2)Av. Ümit Erdem, Av. Arb. Çağrı Şükrü Uluslu, Av. Gökberk Dumancı, Yargıtay  (2014 – 2016) Kararlarında Sosyal Medya, Legal Yayıncılık, 2016

3)Dr. Yavuz Erdoğan, Türk Ceza Kanunu’nda Bilişim Suçları (Avrupa Konseyi Siber Suç Sözleşmesi  ve Yargıtay Kararları İle), Legal Yayıncılık, 2013

4)Nursel Yalçın, Filiz Gürbüz, ,Sosyal Ağlarda İşlenen Suçlar, Facebook Sosyal Ağı Örneği, ab.org.tr,

5)Mevzuat: 5271 sayılı CMK, 5651 sayılı kanun, 7253 sayılı kanun

6)Prof. Dr. Nevzat Toroslu, Ceza Hukuku Genel Kısım, Savaş Yayınevi, 2019.

7)Prof. Dr. Muharrem Özen, Gürkan Özocak, Adli Bilişim, Elektronik Deliller ve Bilgisayarlarda Arama ve El Koyma Tedbirinin Hukuki Rejimi (CMK M. 134), Ankara Barosu Dergisi 2015/ 1

  • عدم الكشف عن هويته على الإنترنت ومشروع Tor

 http://politeknik.org.tr/wp-content/uploads/2012/08/internette_anonimlik.pdf

  • قرارات محكمة النقض.

[1]

[2]

[3]

[4]

[5]